تعريف الزكاة ومنزلتها ومشروعيتها

أولًا: تعريف الزكاة

هي النماء والريع والزيادة، وزكاء وتطلق في الاصطلاح على الحصة المقدرة .من المال التي فرضها الله للمستحقين، كما تطلق.على نفس إخراج تلك الحصة

ثانيًا: منزلة الزكاة في الإسلام

الزكاة أحد أركان الإسلام الخمسة، ولأهميتها ذكرها الله تعالى في القرآن الكريم مقرونة بالصلاة في مواضع كثيرة، منها
قوله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ? [البقرة: 110] ومنها قوله تعالى: وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ [البقرة: 277]، حتى وصى الله بها عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام فنطق بها في مهده، قال تعالى: قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا [مريم: 30- 31].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلًا» [متفق عليه]

ثالثًا: حكمة مشروعيتها

يُؤدِّي المسلم زكاة ماله امتثالًا لأمر الله تعالى، وطلبًا لمرضاته، ورغبةً في ثوابه، ومع ذلك فللزكاة أهداف إنسانية جليلة، ومُثُل أخلاقية عالية، وقيم روحية سامية ترجع بالخير على المعطي والآخذ والمجتمع

1- ما يعود على المزكي.
  • قبول الله لها وتنميتها لصاحبها.
  • تطهير الروح من رذيلة الشح، ومن تعاسة العبودية للدنيا والدرهم.
  • تزكية النفس من أوضار الذنوب والآثام، وآثارهما السيئة على القلوب.
  • تدريب للإنسان على خلق البذل والعطاء والإنفاق.
  • تنمية لشخص الغني وإعلاء لمكانته، فاليد العليا خير من اليد السفلى.
  • سبب لمحبة الناس.
  • تطهير للمال وتحصين له من الآفات.
  • تنمية للمال، فالزكاة بركة ترجع على المال بالمضاعفة.
  • تمييز للطائعين عن العصاة.
2- ما يعود على الآخذ:
  • تحرير الآخذ من ذل المسألة والضياع.
  • تطهير من داء الحسد والكراهية لأصحاب الأموال.
  • غرس الانتماء في نفسه لسؤال المجتمع عنه.
  • سد أبواب الشرور المجتمعية.
3- ما يعود على المجتمع:
  • إشاعة روح الأخوة والمحبة والمودة.
  • نشر الأمن والاطمئنان بين أفراد المجتمع الغني على ماله، والفقير على نفسه.
  • إظهار روح الأمة في مثلها العليا وتعاونها الصادق على البر والتقوى.
  • نشر الفضائل ومنع الرذائل.

رابعًا: مصارف الزكاة

مصارف الزكاة ثمانية محددة على سبيل الحصر؛ فلا تصرف في غير مصارفها، وهي: الفقراء،والمساكين، والعاملون عليها،والمؤلفة قلوبهم،وتحرير الرقاب، والغارمون، وفي سبيل الله، وابن السبيل

وهم المشار إليهم في قوله تعالى: ’’إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ‘‘ [التوبة: 60]

وقد سقط سهم بعض الأصناف المذكورة في الآية الكريمة، لعدم وجود محلها، لا لنسخ حكمها الشرعي، وسيأتي تفصيلها في الفصل الثالث

خامسًا: عقوبة مانعها

بيَّن الله تعالى في كتابه العزيز أن رحمته واسعة، وأنه خص بها الأتقياء المعطين الزكاة، فالذي يمنع الزكاة يخشى عليه الابتعاد عن رحمة الله؛ قال تعالى:’’وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ‘‘ [الأعراف: 156]

وفي منع الزكاة تشبُّهٌ من وجه بغير المؤمنين الجاحدين لوجود الله، قال تعالى: ’’قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ @ الَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ‘‘[فصلت: 6-7]، وإنما كان منعها من شأن المشرك بربه؛ لأنه يؤثر المال على حبه، وقد قرن منع الزكاة بالكفر بالآخرة، لأنهم لو كانوا واثقين بخبر الله، ومؤمنين بجزائه، لأنفقوا من مالهم رغبة في ثوابه، وخوفًا من عقابه الأليم لتارك الزكاة، والذي بيَّنه الله تعالى في قوله الكريم: يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ [التوبة: 35]

شروط الزكاة

(أ) الملك التام

وهو قدرة المالك على التصرف بما يملك تصرفًا تامًّا دون استحقاق للغير.

(ب) النماء

بمعنى أن يكون المال ناميا حقيقة أو تقديرًا،  والنماء الحقيقي يكون في السوائم بالدَّر والنسل، وفي الأموال المعدة للتجارة، والأرض الزراعية العشرية، ولا يشترط تحقق النماء بالفعل بل تكفي القدرة على الاستنماء بكون المال في يده أو يد وكيله. ويقصد بالنماء التقديري قابلية المال للزيادة كالذهب والفضة، إذ نماؤهما مستجلب من أصل خِلقتهما

(ج) بلوغ النصاب

والنصاب هو مقدار المال الذي لا تجب الزكاة في أقل منه، وهو يختلف باختلاف أجناس الأموال الزكوية؛ فنصاب الإبل خمس منها، ونصاب البقر ثلاثون، ونصاب الغنم أربعون، ونصاب الذهب ونصاب الفضة مائتا درهم، ونصاب الزروع والثمار خمسة أوسق، وهو يساوي اثنى عشر وستمائة (612) كيلو جرامًا عند الجمهور، ونصاب عروض التجارة مُقَدَّرٌ بنصاب الذهب أو الفضة

إتمام الحول (عام قمري)

والمراد بالحول أن تمر على المال بيد صاحبه سنة قمرية كاملة، وبذلك يكون إخراج الزكاة فور تمام العام الهجري، ولا يجوز تأخيرها بغير عذر، ويجوز إخراج الزكاة تقسيطًا مُقَدَّمًا عند الحاجة إليها كما كان الحال من اقتراض الزكاة من العباس رضي الله عنه لسنتين، ولا يجوز إخراجها بعد استحقاقها تقسيطًا بغير عذر

ويستثنى من اشتراط الحول في الأموال الزكوية:
  1. الخارج من الأرض من الغلال الزراعية، والمعادن، والركاز، فتجب الزكاة في ذلك ولو لم يَحُلْ الحول.
  2. ما كان تابعاً للأصل: كربح التجارة، فإن حولها حول أصلها، فلا يشترط مرور الحول عليها بمفردها

أما إذا تعسر مراعاة الحول القمري -بسبب ربط الميزانية للشركة أو المؤسسة بالسنة الشمسية، فتزداد النسبة المذكورة بنسبة عدد الأيام التي تزيد بها السنة الشمسية على السنة القمرية، فتكون النسبة عندئذ 2.577 %

أصناف الزكاة

:تتعدد أصناف الزكاة على النحو التالي

زكاة الأوراق النقدية

تجب إذا بلغ نصابها ما قيمته خمسة وثمانون جرامًا من الذهب عيار واحد وعشرين، بواقع (2.5%) نسبة الزكاة حسب الحول القمري، أو (2.577) حسب الحول الشمسي.
ويُضَمُّ المال المدخر في المنزل إلى المُدَّخر في البنوك أو الأسهم أو الذهب المدخر عند احتساب زكاة المال
أما زكاة الودائع البنكية فتجب على إجمال المبلغ الموجود في نهاية العام سواء أكانت تضاف له أرباحه أو أموال أخرى أو لا تضاف له أية مبالغ
وتجب بنسبة ربع العشر (2.5%) من إجمالي المبلغ. إذا كانت عوائد هذه الوديعة لا يحتاج إليها في النفقة الضرورية على الحاجات الأصلية، وإن بلغت الحاجة إلى تلك الأرباح في الإنفاق الضروري على الحاجات الأصلية، فتخرج بنسبة العشر (10%) من العائد كلما قبض، وإن كان قبض العائد شهريًّا
وتُعامل أموال الأسهم وشهادات الاستثمار أيًّا كانت عملتها كعروض التجارة، ومقدار الزكاة فيها 2.5%

زكاة الزروع والثمار

هي ما يُخَزَّنُ من الأقوات كالأرز، والقمح، والشعير، والفاصوليا، والعدس، وسائر ما يُقتات اختيارًا كالذرة والحمص والباقلاء
وكذلك تجب الزكاة في ثمرتين فقط من الفاكهة، وهما: التمر بكل أنواعه، والعنب بكل أنواعه. ولا تجب الزكاة في هذه المحاصيل إلا إذا بلغت النصاب وقدره خمسة أواسق، أي: نحو 612 كيلو جرام على مذهب الجمهور، ولا يشترط مرور العام الهجري وإنما تجب بمجرد الحصاد
وتجب الزكاة في هذه المحاصيل بنسبة العشر (10%) إن كانت الأرض تسقى بماء السماء بغير آلة وكلفة ‘ وتجب بنسبة نصف العشر (5%) إن كانت تسقى بالكلفة أو بالآلة، وإن كان نصفها يسقى بالآلة والنصف الآخر بماء السماء فتخرج نسبة (7.5%)

زكاة عروض التجاره

هي الزكاة على مال تَمَلُّك بعقد معاوضة محضة  بقصد البيع  لغرض الربح  ويشترط لوجوب الزكاة فيها مع الشروط العامة- ما يلى:

1 أن يكونَ المال مكتسبًا بمعاوضة 2 أن يكونَ تَمَلُّكه بغرض بيعه 3 أن يكونَ بيعُه بغرض الربح فيه أو المنفعة التجارية

وفي موعد الزكاة يقوم المزكي بجرد تجارته، ويُقوِّم البضاعة الموجودة، ويُقَوِّم ما لديه من نقود- سواء استغلها في التجارة أم لم يستغلها- ويضيف إليها ما له من ديون مرجوة السداد، ثم يطرح منها الديون التي عليه لأشخاص أو لجهات أخرى، ثم يزكي الباقي بنسبة ربع العشر (2.5%)
ويمكن إيجاز ذلك في المعادلة التالية
مقدار الزكاة= (قيمة البضاعة الموجودة بسعر البيع + السيولة النقدية بالصندوق أو البنك + الدين المرجو سداده – الديون التي على المزكي للغير) × (2.5% نسبة الزكاة حسب الحول القمري، أو 2.577 حسب الحول الشمسي)
ويكون التقويم لكل تاجر بحسبه سواء أكان تاجر جملة أم تاجر تجزئة، والسعر المتوسط لمن يبـيع بالجملة والتجزئة معًا

زكاة الثروة الحيوانية

تكون في الإبل والبقر والغنم بإجماع علماء المسلمين، وفي الخيل خلاف، وأما البغال والحمير وغيرها من أصناف الحيوان فليس فيها زكاة ما لم تكن للتجارة ويشترط شرطان في الماشية لوجوب الزكاة فيها، فضلا عن تمام الحول، وكونها نصابا فأكثر

الأول: السوم: ويقصد به أن يكون غذاؤها على الرعي من نبات البر، فلو كانت معلوفة لم تجب فيها الزكاة

والثاني: أن لا تكون عاملة، فالإبل المعدة للحمل والركوب، والنواضح، وبقر الحرث والسقي لا زكاة فيها ولو كانت سائمة

 وتؤخذ زكاة الحيوان على النحو التالي:-

وهكذا فيما زاد، في كل 40 بنت لبون، وفي كل 50 حقة
وابن أو بنت مخاض ما بلغ من الإبل سنة ودخل في الثانية، وابن أو بنت لبون ما أتم سنتين ودخل في الثالثة، والحِقُّ أو الحِقَّة ما أتم ثلاث سنين ودخلت في الرابعة، والجذع أو الجذعة ما أتم أربع سنين ودخل في الخامسة، واشتراط الدخول في السنة الثانية أو الثالثة أو الرابعة متفق عليه، إلا عند الحنابلة فإنهم يكتفون ببلوغ السن إلى السنة الثانية ولا يشترطون الدخول في الثالثة
وهذا الجدول أوله إلى 120 مجمع عليه، لتناول حديث أنس له، وعدم الاختلاف في تفسيره، واختلف فيما بين 121 – 129، وما هو مثبت جار على مذهب الشافعية، ورواية في مذهب الحنابلة، وهو قول الأوزاعي وإسحاق


 المقادير الواجبة في زكاة الغنم

 في كل مائة شاةٍ شاةٌ مهما كان قدر الزائدوعلى هذا تجري مذاهب جمهور الفقهاء، 

هذا ولا تجزئ الشاة في الزكاة عن الإبل إلا بشروط، فعند الحنفية قالوا : الشاة التي تجزئ في الزكاة ما أتمت سنة ودخلت في الثانية معزا كانت أو ضأنا، ويشترط أن تكون سليمة من العيوب، ولو كانت الإبل المزكاة معيبة

والمالكية قالوا: الشاة التي يجزئ إخراجها في الزكاة لا بد أن تكون جذعة أو جذعا بلغ كل منهما سنة تامة سواء كانت من الضأن أو المعز

والشافعية قالوا: الشاة التي تجزئ في الزكاة إن كانت ضأنا وجب أن تتم سنة إلا إذا أسقطت مقدم أسنانها بعد مضي ستة أشهر من ولادتها، فإنها تجزئ وإن لم تتم الحول، وإن كانت من المعز فيشترط أن تتم سنتين وتدخل في الثالثة، ولا بد في كل منها من السلامة وإن كانت الإبل التي يخرج زكاتها معيبة

والحنابلة قالوا: الشاة التي تجزئ في الزكاة إن كانت من الضأن فيشترط أن تتم ستة أشهر، وإن كانت من العز اشترط فيها تمام سنة كاملة. ويجب أن تكون الشاة المخرجة سليمة من العيوب التي تمنع من إجزائها في الأضحية إلا أنه إذا كانت الإبل المخرج عنها مريضة تنقص قيمة الشاة بنسبة نقص قيمة الإبل المريضة عن الإبل الصحيحة، مثلا إذا كان عند الشخص خمس من الإبل تساوي لمرضها ثمانين جنيها، ولو كانت صحيحة لكانت قيمتها مائة، فيكون نقص المريضة عن الصحيحة الخُمْس، فلو كانت الشاة التي تخرج عن الإبل الصحيحة تساوي خمسا، فالتي تخرج عن الإبل المريضة شاة صحيحة تساوي أربعا فقط

وفي إخراج الواجب من أي الصنفين تفصيل حاصله، أنه يتعين إخراج الشاة من الضأن إن كان أكثر غنم أهل البلد الضأن، ولو كانت غنم المزكي بخلاف ذلك، وإن كان أكثر الغنم في بلد المزكي هو المعز فالواجب إخراج الشاة منه إلا إذا تبرع بإخراجها من الضأن فيكفيه ذلك، وإن تساوى الضأن والمعز في البلد خُيِّر الساعي في أخذ الشاة من الضأن أو المعز، ويجب أن تكون الشاة التي يخرجها سليمة من العيوب فلا يجزئ إخراج المعيبة إلا إذا رأى الساعي أنها أنفع للفقراء لكثرة لحمها مثلا فيجزئ إخراجها لكن لا يجبر المالك على دفعها

تعريف الزكاة ومنزلتها ومشروعيتها

أولًا: تعريف الزكاة

هي النماء والريع والزيادة، من زكا يزكو زكاة وزكاء وتطلق في الاصطلاح على الحصة المقدرة من المال التي فرضها الله للمستحقين, كما تطلق.على نفس إخراج تلك الحصة

ثانيًا: منزلة الزكاة في الإسلام

الزكاة أحد أركان الإسلام الخمسة، ولأهميتها ذكرها الله تعالى في القرآن الكريم مقرونة بالصلاة في مواضع كثيرة، منها
قوله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ? [البقرة: 110] ومنها قوله تعالى: وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ [البقرة: 277]، حتى وصى الله بها عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام فنطق بها في مهده، قال تعالى: قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا [مريم: 30- 31].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلًا» [متفق عليه]

ثالثًا: حكمة مشروعيتها

يُؤدِّي المسلم زكاة ماله امتثالًا لأمر الله تعالى، وطلبًا لمرضاته، ورغبةً في ثوابه، ومع ذلك فللزكاة أهداف إنسانية جليلة، ومُثُل أخلاقية عالية، وقيم روحية سامية ترجع بالخير على المعطي والآخذ والمجتمع

1- ما يعود على المزكي.
  • قبول الله لها وتنميتها لصاحبها.
  • تطهير الروح من رذيلة الشح، ومن تعاسة العبودية للدنيا والدرهم.
  • تزكية النفس من أوضار الذنوب والآثام، وآثارهما السيئة على القلوب.
  • تدريب للإنسان على خلق البذل والعطاء والإنفاق.
  • تنمية لشخص الغني وإعلاء لمكانته، فاليد العليا خير من اليد السفلى.
  • سبب لمحبة الناس.
  • تطهير للمال وتحصين له من الآفات.
  • تنمية للمال، فالزكاة بركة ترجع على المال بالمضاعفة.
  • تمييز للطائعين عن العصاة.
2- ما يعود على الآخذ:
  • تحرير الآخذ من ذل المسألة والضياع.
  • تطهير من داء الحسد والكراهية لأصحاب الأموال.
  • غرس الانتماء في نفسه لسؤال المجتمع عنه.
  • سد أبواب الشرور المجتمعية.
3- ما يعود على المجتمع:
  • إشاعة روح الأخوة والمحبة والمودة.
  • نشر الأمن والاطمئنان بين أفراد المجتمع الغني على ماله، والفقير على نفسه.
  • إظهار روح الأمة في مثلها العليا وتعاونها الصادق على البر والتقوى.
  • نشر الفضائل ومنع الرذائل.

رابعًا: مصارف الزكاة

مصارف الزكاة ثمانية محددة على سبيل الحصر؛ فلا تصرف في غير مصارفها، وهي: الفقراء، والمساكين، والعاملون عليها، والمؤلفة قلوبهم، وتحرير الرقاب، والغارمون، وفي سبيل الله، وابن السبيل
وهم المشار إليهم في قوله تعالى: ?إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ? [التوبة: 60]
وقد سقط سهم بعض الأصناف المذكورة في الآية الكريمة، لعدم وجود محلها، لا لنسخ حكمها الشرعي، وسيأتي تفصيلها في الفصل الثالث

خامسًا: عقوبة مانعها

بيَّن الله تعالى في كتابه العزيز أن رحمته واسعة؛ وأنه خص بها الأتقياء المعطين الزكاة، فالذي يمنع الزكاة يخشى عليه الابتعاد عن رحمة الله؛ قال تعالى: ?وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ? [الأعراف: 156]
وفي منع الزكاة تشبُّهٌ من وجه بغير المؤمنين الجاحدين لوجود الله، قال تعالى: ?قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ @ الَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ? [فصلت: 6-7]، وإنما كان منعها من شأن المشرك بربه؛ لأنه يؤثر المال على حبه، وقد قرن منع الزكاة بالكفر بالآخرة؛ لأنهم لو كانوا واثقين بخبر الله، ومؤمنين بجزائه، لأنفقوا من مالهم رغبة في ثوابه، وخوفًا من عقابه الأليم لتارك الزكاة، والذي بيَّنه الله تعالى في قوله الكريم: ?يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ? [التوبة: 35]

شروط الزكاة

(أ) الملك التام

وهو قدرة المالك على التصرف بما يملك تصرفًا تامًّا دون استحقاق للغير.

(ب) النماء

بمعنى أن يكون المال ناميا حقيقة أو تقديرًا، والنماء الحقيقي يكون في السوائم بالدَّر والنسل، وفي الأموال المعدة للتجارة، والأرض الزراعية العشرية، ولا يشترط تحقق النماء بالفعل بل تكفي القدرة على الاستنماء بكون المال في يده أو يد وكيله. ويقصد بالنماء التقديري قابلية المال للزيادة كالذهب والفضة، إذ نماؤهما مستجلب من أصل خِلقتهما

(ج) بلوغ النصاب

والنصاب هو مقدار المال الذي لا تجب الزكاة في أقل منه، وهو يختلف باختلاف أجناس الأموال الزكوية؛ فنصاب الإبل خمس منها، ونصاب البقر ثلاثون، ونصاب الغنم أربعون، ونصاب الذهب ونصاب الفضة مائتا درهم، ونصاب الزروع والثمار خمسة أوسق، وهو يساوي اثنى عشر وستمائة (612) كيلو جرامًا عند الجمهور، ونصاب عروض التجارة مُقَدَّرٌ بنصاب الذهب أو الفضة

إتمام الحول (عام قمري)

والمراد بالحول أن تمر على المال بيد صاحبه سنة قمرية كاملة، وبذلك يكون إخراج الزكاة فور تمام العام الهجري، ولا يجوز تأخيرها بغير عذر، ويجوز إخراج الزكاة تقسيطًا مُقَدَّمًا عند الحاجة إليها كما كان الحال من اقتراض الزكاة من العباس رضي الله عنه لسنتين، ولا يجوز إخراجها بعد استحقاقها تقسيطًا بغير عذر

ويستثنى من اشتراط الحول في الأموال الزكوية:
  1. الخارج من الأرض من الغلال الزراعية، والمعادن، والركاز، فتجب الزكاة في ذلك ولو لم يَحُلْ الحول.
  2. ما كان تابعاً للأصل: كربح التجارة، فإن حولها حول أصلها، فلا يشترط مرور الحول عليها بمفردها

أما إذا تعسر مراعاة الحول القمري -بسبب ربط الميزانية للشركة أو المؤسسة بالسنة الشمسية- فتزداد النسبة المذكورة بنسبة عدد الأيام التي تزيد بها السنة الشمسية على السنة القمرية، فتكون النسبة عندئذ 2.577 %

أصناف الزكاة

تتعدد أصناف الزكاة على النحو التالي

زكاة الأوراق النقدية

تجب إذا بلغ نصابها ما قيمته خمسة وثمانون جرامًا من الذهب عيار واحد وعشرين، بواقع (2.5%) نسبة الزكاة حسب الحول القمري، أو (2.577) حسب الحول الشمسي.
ويُضَمُّ المال المدخر في المنزل إلى المُدَّخر في البنوك أو الأسهم أو الذهب المدخر عند احتساب زكاة المال
أما زكاة الودائع البنكية فتجب على إجمال المبلغ الموجود في نهاية العام سواء أكانت تضاف له أرباحه أو أموال أخرى أو لا تضاف له أية مبالغ
وتجب بنسبة ربع العشر (2.5%) من إجمالي المبلغ. إذا كانت عوائد هذه الوديعة لا يحتاج إليها في النفقة الضرورية على الحاجات الأصلية، وإن بلغت الحاجة إلى تلك الأرباح في الإنفاق الضروري على الحاجات الأصلية، فتخرج بنسبة العشر (10%) من العائد كلما قبض، وإن كان قبض العائد شهريًّا
وتُعامل أموال الأسهم وشهادات الاستثمار أيًّا كانت عملتها كعروض التجارة، ومقدار الزكاة فيها 2.5%

زكاة الزروع والثمار

والمحاصيل التي تجب فيها الزكاة هي ما يُخَزَّنُ من الأقوات كالأرز، والقمح، والشعير، والفاصوليا، والعدس، وسائر ما يُقتات اختيارًا كالذرة والحمص والباقلاء
وكذلك تجب الزكاة في ثمرتين فقط من الفاكهة، وهما: التمر بكل أنواعه، والعنب بكل أنواعه. ولا تجب الزكاة في هذه المحاصيل إلا إذا بلغت النصاب وقدره خمسة أواسق، أي: نحو 612 كيلو جرام على مذهب الجمهور، ولا يشترط مرور العام الهجري وإنما تجب بمجرد الحصاد
وتجب الزكاة في هذه المحاصيل بنسبة العشر (10%) إن كانت الأرض تسقى بماء السماء بغير آلة وكلفة. وتجب بنسبة نصف العشر (5%) إن كانت تسقى بالكلفة أو بالآلة، وإن كان نصفها يسقى بالآلة والنصف الآخر بماء السماء فتخرج نسبة (7.5%)

زكاة عروض التجاره

هي الزكاة على مال تَمَلُّك بعقد معاوضة محضة؛ بقصد البيع؛ لغرض الربح. ويشترط لوجوب الزكاة فيها- مع الشروط العامة- ما يلي

1 أن يكونَ المال مكتسبًا بمعاوضة 2 أن يكونَ تَمَلُّكه بغرض بيعه 3 أن يكونَ بيعُه بغرض الربح فيه أو المنفعة التجارية

وفي موعد الزكاة يقوم المزكي بجرد تجارته، ويُقوِّم البضاعة الموجودة، ويُقَوِّم ما لديه من نقود- سواء استغلها في التجارة أم لم يستغلها- ويضيف إليها ما له من ديون مرجوة السداد، ثم يطرح منها الديون التي عليه لأشخاص أو لجهات أخرى، ثم يزكي الباقي بنسبة ربع العشر (2.5%)
ويمكن إيجاز ذلك في المعادلة التالية
مقدار الزكاة= (قيمة البضاعة الموجودة بسعر البيع + السيولة النقدية بالصندوق أو البنك + الدين المرجو سداده – الديون التي على المزكي للغير) × (2.5% نسبة الزكاة حسب الحول القمري، أو 2.577 حسب الحول الشمسي)
ويكون التقويم لكل تاجر بحسبه سواء أكان تاجر جملة أم تاجر تجزئة، والسعر المتوسط لمن يبـيع بالجملة والتجزئة معًا

زكاة الثروة الحيوانية

تكون في الإبل والبقر والغنم بإجماع علماء المسلمين، وفي الخيل خلاف، وأما البغال والحمير وغيرها من أصناف الحيوان فليس فيها زكاة ما لم تكن للتجارة ويشترط شرطان في الماشية لوجوب الزكاة فيها، فضلا عن تمام الحول، وكونها نصابا فأكثر

الأول: السوم: ويقصد به أن يكون غذاؤها على الرعي من نبات البر، فلو كانت معلوفة لم تجب فيها الزكاة

والثاني: أن لا تكون عاملة، فالإبل المعدة للحمل والركوب، والنواضح، وبقر الحرث والسقي لا زكاة فيها ولو كانت سائمة

(أ) وتؤخذ زكاة الحيوان على النحو التالي

وهكذا فيما زاد، في كل 40 بنت لبون، وفي كل 50 حقة
وابن أو بنت مخاض ما بلغ من الإبل سنة ودخل في الثانية، وابن أو بنت لبون ما أتم سنتين ودخل في الثالثة، والحِقُّ أو الحِقَّة ما أتم ثلاث سنين ودخلت في الرابعة، والجذع أو الجذعة ما أتم أربع سنين ودخل في الخامسة، واشتراط الدخول في السنة الثانية أو الثالثة أو الرابعة متفق عليه، إلا عند الحنابلة فإنهم يكتفون ببلوغ السن إلى السنة الثانية ولا يشترطون الدخول في الثالثة
وهذا الجدول أوله إلى 120 مجمع عليه، لتناول حديث أنس له، وعدم الاختلاف في تفسيره، واختلف فيما بين 121 – 129، وما هو مثبت جار على مذهب الشافعية، ورواية في مذهب الحنابلة، وهو قول الأوزاعي وإسحاق

(ب) المقادير الواجبة في زكاة البقر

وهكذا في كل ثلاثين تبيع أو تبيعة، وفي كل أربعين مسنة، وعلى هذا تجري مذاهب جماهير العلماء، وفي ذلك خلاف في بعض المواضع والتبيع ما أوفى من البقر سنة ودخل في الثانية، والمسنة ما أوفت سنتين ودخلت في الثالثة، وتعريف التبيع والمسنة بهذا متفق عليه إلا عند المالكية قالوا: التبيع هو ما أوفى سنتين ودخل في الثالثة، أما المسنة فهي ما أوفت ثلاث سنين ودخلت في الرابعة

(ج) المقادير الواجبة في زكاة الغنم

وهكذا ما زاد عن ذلك في كل مائة شاةٍ شاةٌ مهما كان قدر الزائد
وعلى هذا تجري مذاهب جمهور الفقهاء، وأول هذا الجدول وآخره مجمع عليه، واختلف فيه فيما بين ( 300 – 399 )

هذا ولا تجزئ الشاة في الزكاة عن الإبل إلا بشروط، فعند الحنفية قالوا : الشاة التي تجزئ في الزكاة ما أتمت سنة ودخلت في الثانية معزا كانت أو ضأنا، ويشترط أن تكون سليمة من العيوب، ولو كانت الإبل المزكاة معيبة

والمالكية قالوا: الشاة التي يجزئ إخراجها في الزكاة لا بد أن تكون جذعة أو جذعا بلغ كل منهما سنة تامة سواء كانت من الضأن أو المعز

والشافعية قالوا: الشاة التي تجزئ في الزكاة إن كانت ضأنا وجب أن تتم سنة إلا إذا أسقطت مقدم أسنانها بعد مضي ستة أشهر من ولادتها، فإنها تجزئ وإن لم تتم الحول، وإن كانت من المعز فيشترط أن تتم سنتين وتدخل في الثالثة، ولا بد في كل منها من السلامة وإن كانت الإبل التي يخرج زكاتها معيبة

والحنابلة قالوا: الشاة التي تجزئ في الزكاة إن كانت من الضأن فيشترط أن تتم ستة أشهر، وإن كانت من العز اشترط فيها تمام سنة كاملة. ويجب أن تكون الشاة المخرجة سليمة من العيوب التي تمنع من إجزائها في الأضحية إلا أنه إذا كانت الإبل المخرج عنها مريضة تنقص قيمة الشاة بنسبة نقص قيمة الإبل المريضة عن الإبل الصحيحة، مثلا إذا كان عند الشخص خمس من الإبل تساوي لمرضها ثمانين جنيها، ولو كانت صحيحة لكانت قيمتها مائة، فيكون نقص المريضة عن الصحيحة الخُمْس، فلو كانت الشاة التي تخرج عن الإبل الصحيحة تساوي خمسا، فالتي تخرج عن الإبل المريضة شاة صحيحة تساوي أربعا فقط

وفي إخراج الواجب من أي الصنفين تفصيل حاصله: أنه يتعين إخراج الشاة من الضأن إن كان أكثر غنم أهل البلد الضأن، ولو كانت غنم المزكي بخلاف ذلك، وإن كان أكثر الغنم في بلد المزكي هو المعز فالواجب إخراج الشاة منه إلا إذا تبرع بإخراجها من الضأن فيكفيه ذلك، وإن تساوى الضأن والمعز في البلد خُيِّر الساعي في أخذ الشاة من الضأن أو المعز، ويجب أن تكون الشاة التي يخرجها سليمة من العيوب فلا يجزئ إخراج المعيبة إلا إذا رأى الساعي أنها أنفع للفقراء لكثرة لحمها مثلا فيجزئ إخراجها لكن لا يجبر المالك على دفعها